جميعنا يمر بلحظات التوتر في حياتنا، وفي هذا العالم المليء بكل شيء إلّا الراحة، لن تكون هذه مجرد لحظات، بل ستمتد لتصبح ساعات وأيام وليالي بطولها، لن تنقذك فيها أم كلثوم مهما امتد صوتها وعلا من هذا التوتر الذي يكاد يخنقك.
تقتل كل شيء في حياتك، توقفك عن أداء عملك بالشكل الذي ترغب فيه، تؤثر في انسيابية حياتك، تمنعك من النوم، عائلتك بأكملها مستنفرة جراء الشحنة الزائدة من التوتر التي تمشي على أقدام في المنزل، كل شيء في هذه الحياة سيعمل ضدك؛ ليبقيك في هذه الحالة من التوتر.
عالم مليء بالحروب من حولك، ارتفاع للأسعار، لا شيء يدعو للتفاؤل أو للراحة فقط كل شيء متوتر ابتداءً منك وليس انتهاءً بجيوش الدول الكبرى. دعك من كل هذا اليوم سنقدم لك بعضًا من النصائح التي ستقيك من هذا الجو المشحون بالتوتر الزائد، لتخلق من حولك هالة من الراحة ولو النسبية منها:
# المذكرة
جميعنا نرغب في ذاك الصديق الذي نفضي إليه بكل ما في صدرنا من أغلال ومشاكل، نبكي على كتفه، نشكو له كل همومنا وآلامنا من دون أن نخاف أن يذهب ويفضحنا بين جميع الناس من دون استثناء!
حسنًا، المذكرة ستقدم لك كل هذا، قم بكتابة كل ما تشعر به على تلك الأوراق التي لن تخونك أبدًا إن أحسنت إخفائها، اظهر نفسك الحقيقية للورق، اكتب جميع الأفكار الشريرة التي تراودك بين حين وآخر، كتابة كل هذا هي عبارة عن طريقة لإخراج هذه المشاعر السلبية من رأسك، تأكد بأنّ كل ما تكتبه لن يعود ليظهر لك مرة ثانية في رأسك على شكل أفكار مزعجة، فاكتب كل شيء.
# التمرين
أن تترك المنزل أو المكان الذي تجلس فيه عندما تكون متوترًا هو شيء صعب للغاية، لكن إن فعلت ذلك تكون قد قطعت ثلاثة أرباع الطريق وليس منتصفه كالعادة.
كلنا عندما يصيبنا أي شيء في هذه الحياة نلجأ للفراش، تلك القادرة على ضمّنا وعدم السماح لنا بالمغادرة إلّا عندما نكون قد اكتفينا منها، وأضعنا نهارنا والكثير من الوقت، وستبقى طول الليل مفكرًا متلفًا أعصابك بكل بساطة.
من اليوم عندما يصيبك أي شيء في هذه الحياة يوترك، ابدأ بعمل أي شيء، بدايةً افتح بريدك الإلكتروني، بعد فترة من التعود على البريد الإلكتروني، اذهب للمشي الشيء الوحيد في هذه الحياة الذي سينفعك ويريح أعصابك ويعاملك مثل الفراش، بل أفضل منه في بعض الحالات.
المشي هو أفضل شيء ستفعله عند شعورك بالتوتر، لست بحاجة لملابس خاصة، لست بحاجة لحذاء خاص، لست بحاجة لأي شيء، فقط قدمين، وبعض التوتر الذي سيدفعك للخروج من المنزل، وممارسة ما نصحتك بالقيام به منذ أسطر، امشِ.
# ابق مشغولًا
أعلم أنّ هذه النصيحة لا فائدة ترجو منها، فالتوتر لا يبقي مكانًا شاغرًا في عقلك لكي تمارس أي شيء في هذه الحياة، لكن هذه النصيحة هي لما قبل التوتر، اشغل نفسك قدر المستطاع، فلحظات الفراغ هي التي ستولد لك التوتر، عقلك الرائع سيشغلك بتصورات “ماذا لو” التي ستوديك إلى مستنقع التوتر بكامل إرادتك.
اعتاد والدي ألّا يترك العمل إلّا في المساء عندما يكون الليل قد غلَّف المدينة، مع أنّ عمله ينتهي في منتصف النهار، إلّا أنّه يعلم إن عاد مبكرًا، لا يوجد شيء ينتظره في البيت سوى التوتر، فابتعد عنه وانغمس في العمل هو ما أبقى البيت هادئًا بعض الوقت الإضافي على ما أظن!
# قيّم مشاكلك
في معظم الأحيان تكون مشاكلنا هي عبارة عن أوهام مشاكل ابتكرها لنا عقلنا لكي يمرح معنا بعض الشيء، فالتفكير الزائد عن حده يؤدي إلى المشاكل بطبيعة الحال، فأي شيء في هذه الحياة يزيد عن وضعه الطبيعي ينقلب إلى ضده.
اسأل نفسك بشكل واضح وصريح “هل هذه مشكلة ؟ “، هي عبارة عن سوء فهم، سوء تصرف، عدم فهم بشكل صحيح، غلطة بسيطة، جميع المشاكل طويلة الأمد وغير القابلة للحل تبدء هكذا، اقلعها من جذرها ولا تسمح لها بالنمو.
نكتة سخيفة من زميلك هي ليست تلك المشكلة التي تستدعي التفكير فيها كثيرًا للرد عليها وقطع علاقتك بهذا الصديق، كلمة في غير محلها من قبل زوجك ليست نهاية الكون، لن يتحرك حلف الناتو من أجلها أيضًا، لا داعي لتضخيم الأمور، عقلك يلعب ضدك في بعض الأحيان، لا داعي للاستماع له دائمًا.
# اشرب الماء، الكثير من الماء!
المشكلة الأكبر من التوتر، هي الأكل عند التوتر، رجاءً إذا كنت ذكرًا لا تنتقل إلى الفقرة التالية فورًا، فنحن مذنبون أيضًا بقدر الإناث!!
لا تأكل عندما تتوتر، لا تأكل عندما تتوتر، لا تأكل عندما تتوتر، كل هذا سيدفعك للمزيد من التوتر، البيتزا لن تغير شيء، القهوة ستزيد من غضبك بشكل كبير، بقايا الطعام ستبقى بقايا لكن في معدتك، وستسبب في المزيد من الدهون التي لست بحاجة إليها بكل تأكيد.
عندما تغضب، عندما تتوتر، عندما تفعل أي شيء، فقط اشرب الماء، لن تستطيع تخيل التأثير السحري للمياه عليك عندما تغضب أو تتوتر، فالماء تلك القدرة السحرية على تغير وضعك ونفسيتك إلى الوضع المناظر لك في غضون دقائق. لن أزيدك من الكلام كثيرًا، فقط اشرب المياه في المرة القادمة عندما تشعر بالغضب أو التوتر، وتذكر كاتب هذه الكلمات بشيء من الكلام الرقيق.
# استمع للموسيقى
الموسيقى هي بوابة لعالم ثاني، عالم آخر، لا مكان للتوتر فيه، لا مكان للغضب فيه، لا مكان لأي شيء غير مريح على الإطلاق.
سأصيغها لك بشكل آخر؛ لأختبر قدرتي الإعلانية: تشعر بالتوتر، تشعر بالغضب، تكره نفسك، ترى كل شيء من حولك أحمر وبلون قاتم، تريد أن تكسر أي شيء أمامك، تريد أن تحطم وجه كل من يقف في وجهك في هذه اللحظة، عليك بالموسيقى صممت واخترعت خصيصًا لمثل هذه الحالات، كل ما عليك فعله هو التقاط سماعاتك وتشغيل أي شيء يعترض أمامك يندرج تحت هذا الفن، عليك بالموسيقى السعيدة قليلًا؛ لتخرجك من هذا الجو الكئيب، أو الموسيقى الهادئة؛ لتخرجك من هذا الجو المشحون.
# الدموع
أفضل وسيلة من بين هذه الوسائل والنصائح التي ذكرناها سابقًا، الدموع هي السبيل الأسرع والأسهل والأفضل والأكثر راحةً للتخلص من أي شيء ينكد عليك حياتك، وبخاصة التوتر.
كل ما عليك فعله هو الآتي، اختزن التوتر الذي تشعر به، اختزن كل ما تشعر به من توتر وغضب وانهزام لساعة واحدة، واغسل كل هذا بالدموع، دعها تجرف معها كل ما يمكنها أن تجرفه، ستشعر براحة نفسية فورية بمجرد الانتهاء، ستشعر بالسعادة فورًا، ستشعر أنّك حرّ بعد عقود من السجن.
وإن كنت تخجل من تلك القطرات التي ستحمل عنك عبئًا ثقيلًا، فادخل إلى الحمام، اذهب إلى مكان تكون فيه وحيدًا، ومارس هذا النشاط الخفي المريح، خلافًا لأي نشاط مخفي آخر ستمارسه في حياتك.
# تنفس، فقط تنفس
لست أعلمك السباحة في هذه الفقرة بالتأكيد، لكن أهم شيء يمكنك فعله أثناء نوبات التوتر قبل أن تفكر في الشيء الذي دفعك للتوتر في بداية المقام، هو أن تتنفس.
ليس ذاك الشهيق والزفير الذي نفعله دائمًا، بل تنفس بكل عمق، اشعر بتلك الذرات الصغيرة جدًا من الأوكسجين وهي تتغلغل في القصبات الهوائية لرئتيك، وانفث مع ثاني أوكسيد الكربون كل ما في صدرك من أغلال، اخرج معه ذاك الشيء القابع في داخلك والذي يغلي مثل النار، اشعر بالهواء الساخن الذي يخرج منك محملًا بكل شيء تريد أن تتخلص منه.
في النهاية، لكل منا طريقته في التعامل مع التوتر، لكن إياك أن تقوم بالتكسير، إياك أن تقوم بالضرب، إياك أن تستغل قوتك وتهدرها في شيء مثل التوتر.
كيف تتعامل مع غضبك وتوترك، هل ترى أي من النصائح التي ذكرناها تجدي فعلًا في بعض الحالات؟ دعنا نسمع نصيحتك في التعليقات!
تعليقات
إرسال تعليق